في مشهد يعيد الأمل وسط الألم، أفرجت قوات الاحتلال الإسرائيلي عن ثلاثة أسرى رياضيين فلسطينيين، ضمن صفقة تبادل الأسرى التي أُبرمت مؤخرًا مع حركة حماس، ليعودوا إلى أحضان عائلاتهم بعد أشهر من الاعتقال والمعاناة في سجون الاحتلال.
وشمل الإفراج كلًا من كرم شبير، نجم نادي اليرموك وأحد أبرز لاعبي الجناح الأيسر في قطاع غزة، والمدرب محمد النجار، المدير الفني السابق لنادي الأمل، إضافة إلى لاعب تنس الطاولة عبد الله السقا، أحد أعمدة منتخب فلسطين في اللعبة.
شبير.. لاعب فقد عائلته وظل متمسكًا بالأمل
يُعد كرم شبير نموذجًا لمعاناة الرياضي الفلسطيني في وجه الحرب والحصار. فإلى جانب مسيرته الكروية المميزة التي بدأها مع نادي الشاطئ قبل انتقاله إلى المشتل ثم اليرموك، حمل شبير مأساة إنسانية مضاعفة.
فقد ودّع اللاعب عددًا من أفراد عائلته خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ استشهد أحد أشقائه عام 2008، قبل أن يفقد والدته وشقيقه وشقيقته خلال الحرب الأخيرة التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2023. كما أصيب شقيقه علام شبير — لاعب كرة قدم سابق — قبل أسبوعين فقط من الإفراج عنه، ما أدى إلى بتر ساقيه نتيجة قصف إسرائيلي مباشر.
ورغم كل ذلك، ظل كرم رمزًا للصمود، مؤمنًا بأن “الرياضة الفلسطينية ستبقى تنبض بالحياة مهما اشتدت العواصف”، كما نقل مقربون منه بعد الإفراج.
محمد النجار.. مدرب بثقافة البناء رغم الأسر
المدرب محمد النجار، الذي أطلق سراحه أيضًا، يُعد من الأسماء اللامعة في ساحة التدريب المحلي. فقد قاد فرقًا متعددة في غزة، أبرزها نادي الأمل واتحاد خانيونس، إضافة إلى عمله مدربًا لمنتخب جامعة فلسطين.
عرف عنه التزامه المهني ورؤيته التربوية في تطوير فئة الناشئين، قبل أن يُعتقل خلال إحدى الحملات العسكرية الإسرائيلية، ليقضي شهورًا صعبة في الاعتقال الإداري دون تهمة واضحة.
عبد الله السقا.. بطل الطاولة العائد من الأسر
أما اللاعب عبد الله السقا، فهو من أبرز لاعبي تنس الطاولة في فلسطين، حيث مثل نادي المجمع الإسلامي وحقق العديد من البطولات المحلية التي أهلته لتمثيل المنتخب الوطني.
إطلاق سراحه شكّل فرحة مضاعفة في الأوساط الرياضية، إذ يعد السقا من رموز الجيل الذهبي للعبة في غزة.
أسرى الرياضة الفلسطينية.. معاناة متواصلة
ووفق بيانات الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم، فإن قوات الاحتلال اعتقلت منذ بدء الحرب على غزة 42 رياضيًا فلسطينيًا، أُفرج عن بعضهم في مراحل سابقة، بينما لا يزال العشرات يقبعون في السجون.
من بين أبرز المعتقلين: حارس فريق الزيتون محمود مطر، ولاعب الصداقة ناصر لبد، ورئيس نادي الوفاق يوسف المنسي، إضافة إلى المدرب محمد أبو جويد، الذي مثل أندية أهلي النصيرات واتحاد خانيونس.
وتُشير بيانات الاتحاد إلى أن 119 رياضيًا فلسطينيًا لا يزال مصيرهم مجهولًا منذ السابع من أكتوبر 2023، في ظل صعوبة التحقق من أوضاعهم أو أماكن احتجازهم، كما هو الحال مع المدرب نادر النجار الذي فُقد أثره في رفح أثناء محاولته الحصول على مساعدات إنسانية لأطفاله.
الرياضة الفلسطينية.. نبض حياة تحت الحصار
رغم الكوارث الإنسانية والحصار المستمر، فإن الرياضة في غزة تواصل تنفسها بأبسط الإمكانات. فقد أعلنت أندية محلية عودة النشاط الرياضي تدريجيًا، كما نظم الاتحاد الفلسطيني مؤخرًا دورة تدريبية رسمية للمدربين، في خطوة رمزية تؤكد أن الإرادة أقوى من الاحتلال.
تحمل قصة الأسرى الرياضيين الفلسطينيين رسالة إنسانية تتجاوز الملاعب، مفادها أن الرياضة الفلسطينية ليست مجرد نشاط ترفيهي، بل شكل من أشكال المقاومة والصمود.
فكل لاعب أو مدرب خرج من الأسر، وكل نادٍ أعاد فتح أبوابه وسط الركام، يمثل انتصارًا صغيرًا في معركة الكرامة والبقاء، ويؤكد أن الرياضة في فلسطين ستبقى حاضرة مهما طال ليل الاحتلال.