يحل موعد اللحظة الحاسمة؛ اللحظة التي سيكتب فيها أحد منتخبي البرتغال أو النمسا اسمه بأحرف من ذهب في سجلات كرة القدم العالمية. على ملعب خليفة الدولي في الدوحة، يلتقي العملاقان الأوروبيان في نهائي كأس العالم تحت 17 سنة، في مواجهة يحلم فيها الطرفان بأول لقب عالمي على الإطلاق.
هذه المباراة ليست مجرد لقاء على الكأس، بل هي صراع بين إرثين مختلفين وحلم واحد مشترك. البرتغال، بطلة أوروبا والحائزة على لقب كأس العالم للشباب (تحت 20 سنة) مرتين في نهاية القرن الماضي، تأمل في إضافة اللقب المفقود إلى خزائنها. بينما تقف النمسا على أعتاب تحقيق إنجاز هو الأعظم في تاريخ كرة القدم النمساوية
دخلت البرتغال البطولة بحلة البطل الأوروبي، وأثبتت أنها مرشحة جدية للقب منذ البداية. بقيادة المدرب بينو ماكايس، قدم الفريق عروضاً مبهرة جمعت بين العقلية الهجومية الآسرة والصلابة الدفاعية. فبعد أن هزت شباك المكسيك بخماسية في دور الـ16، أظهرت شخصية قوية في التغلب على البرازيل بركلات الترجيح في نصف النهائي.
في قلب هذا الفريق، يبرز نجمان: قائد الفريق ورأس حربته، رافاييل كوينتاس، الذي وصفه زميله جوزيه نيتو بأنه “عقل الفريق”. إلى جانبه، يقف الهداف أنيسيو كابرال (6 أهداف)، المهاجم الطموح الذي يحلم بالسير على خطى أسطورتي البرتغال والبرازيل، كريستيانو ورونالدو.
من ناحية أخرى، تأتي النمسا بقيادة المدرب هيرمان ستادلر كقطار لا يمكن إيقافه. إنه الفريق الوحيد الذي فاز بجميع مبارياته في البطولة (7 انتصارات متتالية)، مسجلاً 17 هدفاً ومستقبلاً هدفاً واحداً فقط. هذا الدفاع الحديدي، إلى جانب هجوم قاتل، جعلا من النمسا لغزاً صعباً أمام جميع منافسيها، بما في ذلك إنجلترا وإيطاليا.
يعتمد الفريق النمساوي على ثنائي ذهبي: المدافع القائد ياكوب بوكورني، المحفز الطبيعي للفريق، والنجم اللامع يوهانس موسر، هداف البطولة بـ8 أهداف، وصاحب التأثير الأكبر في الوصول إلى النهائي.
قبل المواجهة، أبدى المدرب البرتغالي احترامه للخصم، قائلاً: “نواجه منتخباً يستحق كل التقدير. إنه فريق يصعب هزيمته… ينبغي علينا الاستعداد جيداً.” من جانبه، عبر المدرب النمساوي عن سعادته بالوصول إلى هذه المرحلة، واصفاً إياها بأنها “حلم تحقق” و”قصة مذهلة”.
بحسب “فيفا”، تشهد البطولة نهائياً بين فريقين يتنافسان على اللقب لأول مرة منذ 34 عاماً، عندما تغلبت غانا على إسبانيا في نهائي نسخة 1991. هذا يضيف بُعداً تاريخياً للمباراة، حيث سيخرج أحد الفريقين من الظل إلى الأضواء، حاملاً الكأس العالمية للمرة الأولى.
كل المعطيات تشير إلى أن الجمهور على موعد مع نهائي أسطوري. مواجهة بين قوة هجوم البرتغال المتألق وبين مناعة النمسا الدفاعية التي تبدو كالقلعة الحصينة. صراع بين تاريخ برتغالي عريق يحلم بالتتويج وبين قصة نمساوية ملهمة تسعى لكتابة مجد جديد.
في النهاية، لن يهم كثيراً من سيرفع الكأس، بقدر ما تهم الرسالة التي يؤكدها هذا النهائي: أن الأحلام لا تعترف بالتاريخ أو الإحصاءات، وأن أرض الملعب هي من تحكم.

